الهجوم الكيميائي على شرق كردستان – قرية زرده في منطقة دالاهو – 1988
كان أخطر وأشد الأسلحة فاعلية التي استخدمها الدولة العراقية لقمع الكرد وإبادتهم هو السلاح الكيميائي، وهو سلاح محظور بموجب اتفاقية جنيف لعام 1925. وعلى الرغم من أن العراق وقع على هذه المعاهدة في عام 1931 وأعلن التزامه المشروط بها، إلا أن الدولة العراقية تجاهلت باستمرار قرارات المجتمع الدولي في هذا الشأن (الهجمات الكيميائية) ولم تولِ لها أي اهتمام، كما أنها تنكرت للمبادئ والأسس الدولية، ولم تتردد في ارتكاب الجرائم بحق الأمة الكردية دون مراعاة للضمير الإنساني أو المجتمع العالمي. بل إن كبار مسؤولي هذا النظام، في تصريحاتهم ومداخلاتهم، لم ينكروا استخدام هذه الأسلحة، بل ذهبوا إلى حد إضفاء الشرعية على استخدام أسلحة أشد فتكًا وتدميرًا.
يرجع استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الدولة العراقية في عهد نظام البعث إلى بدايات الحرب بين العراق وإيران، وخاصة في أعوام 1983 و1987 و1988، حيث استهدفت هذه الأسلحة المدنيين في المدن والقرى في كردستان الجنوبية (العراق)، وكذلك في كردستان الشرقية (إيران).
وقد ارتكب النظام البعثي العراقي جرائم واسعة النطاق باستخدام ستة آلاف قنبلة كيميائية في 285 غارة جوية، ولم يُنشر سوى جزء ضئيل من هذه الجرائم حتى اليوم.
المناطق الواقعة في كردستان الشرقية التي تعرضت للأسلحة الكيميائية المحظورة تم تحديدها حسب القائمة أدناه.
القصف الكيميائي لمناطق كردستان الشرقية خلال الحرب العراقية–الإيرانية ١٩٨٧–١٩٨٨
الرقم | المنطقة | التاريخ |
---|---|---|
1 | مدينة سردشت | 1987/6/28 |
2 | قرى هورامان (نودشه) حتى حدود محافظة كرماشان | 1988/3/17 1988/3/24 1988/4/2 |
3 | محافظة سنه، عدة قرى (دهرنهخي، زەكەریا، طريق حدود دزلي وبيهكره) | 1988/3/24 |
4 | قرى قريبة من مريوان (نژمار، بالک، ني، دهگاشيخان) | 1988/4/2 |
5 | محافظة كرماشان، منطقة دالاهو (قرية زرده) | 1988/7/22 |
6 | القصف الكيميائي لمخيم حَوله في مدينة بانه للمهجرین من الأنفال | 1988/7/10 |
الهجوم الكيميائي على قرية زرده
ووفقًا لتقويم الهجمات الكيميائية الموثّق في أرشيف الوطني للإبادة الجماعية كردستان، فإن 22 تموز/يوليو 1988 يُخلّد ذكرى القصف الكيميائي الذي استهدف قرية زرده الواقعة في قضاء دالاهو ضمن محافظة كرماشان.
في 22 تموز/يوليو 1988، وخلال المرحلة الأخيرة من حرب إيران والعراق، شنت طائرات النظام البعثي العراقي هجومًا كيميائيًا على قرية زرده. في الساعة الأولى فقط من القصف، استُشهد 275 شخصًا وأصيب ما يقارب 1100 آخرين بجروح أو تسمم جراء التعرض للغازات الكيميائية. ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد الضحايا إلى 320 شهيدًا.
وبحسب التقارير الموثّقة، سقطت إحدى القنابل الكيميائية في النبع الرئيسي للقرية، وهو مصدر مياه الشرب الوحيد للسكان. وقد أدى شرب الماء الملوث إلى إصابة عدد كبير من الأهالي بأشد الحالات الصحية خطورة؛ حيث لقي الكثيرون حتفهم، وتعرض آخرون لجروح بالغة وتسمم شديد.
على مدار الحرب التي دامت ثماني سنوات بين إيران والعراق، كانت معظم مدن وقرى كردستان الجنوبية والشرقية عرضة للقصف بالأسلحة الكيميائية من قبل الدولة العراقية في عهد نظام البعث. ولم تسلم قرى منطقة دالاهو في محافظة كرماشان من هذه الجرائم. إلى جانب قرية زرده، تعرّضت أيضًا قرى نساروديره في منطقة كِيلان غرب، وأجزاء من مدن ثلاثة باباجاني وسربل ذهاب للقصف في اليوم نفسه.
وكحال جميع ضحايا الأسلحة الكيميائية، لا يزال الناجون من هذا الهجوم يعانون من أمراض مزمنة ومعاناة جسدية ونفسية طويلة الأمد، من بينها ضيق التنفس الحاد، السعال المزمن، أمراض الدم والرئة، التشوهات الخلقية، وفقدان البصر الجزئي أو الكلي. ولم يتلقّ الكثير منهم العلاج اللازم، ولا يزالون يعانون من آثار الهجوم حتى يومنا هذا.
وللأسف، لم يُعرض هذا الملف أمام أي محكمة حتى الآن. ولم تحصل عوائل الضحايا على أي تعويض مادي أو معنوي، كما لم تتحقق العدالة بحقهم، وظلت مطالبهم بالتعويض والإنصاف دون استجابة حتى اليوم.
تقع قرية زرده في منطقة ريژاو، ويتحدث سكانها بلهجتي الكلهورية والهَورامية. وتضم القرية مرقد بابا يادگار، الذي يُعد أحد أقدس المواقع الدينية لأتباع الديانة اليارسانية.
Leave feedback about this